بسم الله الرحمن الرحيم
أهدي إليكم إخواني أجمل طرق العرفان
وأهمهاوهو طريق المحبة مع ضوابطه العشرة وهي لازمة لكل السالكين إلى الله
وهي
لاتغني عن الأستاذ العارف واعلم أخي الساعي إلى الله بأن هذه الضوابط
لم
يخرج عنها أي واصل من الأولياء الشامخين ولا يستغني عنهاأي سالك من
السالكين
إلى الله
واعلم بأن الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق وطريقنا الذي
نشرع في شرحه اقرب الطرق إلى الله
وأوضحها وأرشدها ذلك أن الطرق مع كثرة
عددها محصورة في ثلاث أنواع
أولها :طريق أرباب المعاملات بكثرة
الصوم والصلاة وتلاوة القرأن والحج والجهاد وغيرها
من الأعمال وهو طريق
الأخيار فالواصلون في هذا الطريق الزمان الطويل أقل من القليل
ثانيها
: طريق لأرباب المجاهدات والرياضات وتبديل الأخلاق وتزكية النفس وتصفية
القلب
وتجلية الروح والسعي في عمارة الباطن وهو طريق الأبرار
ولكن
وصول النوادر منهم من النوادر لذلك لما سئل ابن منصور ابراهيم الخواص في أي
مقام تروض
نفسك أجاب:اروض نفسي في مقام التوكل منذ ثلاثين عاماً
قال
أفنيت نفسك في عمارة الباطن فأين أنت من الفناء في الله
ثالثها :طريق
المحبة وهو طريق السائرين إلى الله والطايرين إلى الله وهم الشطار من أهل
المحبة السالكين بالجذبة
فالواصلون منه في البدايات أكثر من غيرهم
في النهايات
وهذا الطريق المختار مبني على الموت بالإرادة كما أن
الموت رجوع بغير
إرادة لقول النبي صلى الله عليه وأله وسلم ( موتوا قبل
أن تموتوا )
وهو محصور في عشرة فصول
الأول :التوبة
وهو
الرجوع إلى الله تعالى بالإرادة كما أن الموت رجوع بغير إرادة لقوله تعالى
:
( ياأيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية )وهو
الخروج عن الذنوب كلها والذنب
مايحجبك من الله من مراتب الدنيا والأخرة
فالواجب على الطالب الخروج عن كل مطلوب سواه
حتى الوجود كما قيل (
وجودك ذنب لايقاس به ذنب )
ثانياً :الزهد في الدنيا والأخرة
لقوله
عليه الصلاة والسلام
الدنيا حرام على أهل الأخرة والأخرة حرام على أهل الدنيا )وهما حرامان على
أهل الله تعالى
ثالثاً : التوكل على الله تعالى
وهو الخروج عن
الأسباب ثقة بالله تعالى كما هو بالموت لقوله تعالى
( ومن يتوكل على
الله فهو حسبه )
رابعاً : القناعة
وهو الخروج عن الشهوات
النفسانية والتبعات الحيوانية كما هو بالموت إلا ماأُضطر
إليه من حاجة
فلا يسرف في المأكول والملبس والمشرب والمسكن ويقتصر على قوته وحاجته
اليومية
خامساُ : العزلة
وهي الخروج عن مخالطة الخلق
بالإنزواء والإنقطاع إلا عن خدمة شيخ واصل مرب
له وهو كالغسال للميت
ويكون السالك بين يديه كالميت بين يدي المغسل يتصرف
فيه كيف يشاء ليغسله
بماء الطهاره عن جنابة الأجنبية ولوث الحدوث
وأصل العزلة عزل
الحواس عن التصرف في المحسوسات فإن كل أفة وفتنة ابتلي
الروح بها وكانت
تقوي النفس وتربي صفاتها دخلت من روزنة الحواس وبها
استتبعت الروح النفس
إلى أسفل سافلين وقيدته بها ( أي النفس قيدت الروح )
واستولت عليه
وبالخلوة وعزل الحواس ينقطع مدد النفس من الدنيا والشيطان
وإعانة الهوا
وقد اشار إلى ذلك الحديث
( إلهي إليك أشكو عدواً يضلني وشيطانا يضلني
يعاضد لي الهوا ويزين لي حب الدنيا )
وكما أن الطبيب في علاجه
للمريض أول ما يقوم به هو إحماء المريض عما يضره ويزيد في علل مرضه
فبتلك
الحمية ينقطع مدد المواد الفاسدة التي منها ينبعث المرض وقد روي أن الحمية
رأس كل دواء ومن
ثم يعالجه بمسهل يزيل عنه المواد الفاسدة ليعود إلى
الجسم حرارته وطبيعته ليزول المرض
كذلك المسهل هنا هو الذكر الدائم
سادساً : ملازمة الذكر
وهو الخروج عن ذكر ما سوى الله تعالى
بالنسيان اي نسيان كل شيئ ماعدا الله
لأننا في هذه الحالة نكون في حال
استعداد قال تعالى ( واذكر ربك إذا نسيت )
أي إذا نسيت غير الله
كما هو بالموت فأما نسبة المسهلة بالذكر هي لاإله إلا الله فإنه معجون مركب
من
النفي والإثبات فبالنفي تزول المواد الفاسدة التي يتولد منها مرض
القلب وقيود الروح والتي تقوي النفس
وتربي صفاتها وهي الأخلاق الذميمة
النفسانية والأوصاف الشهوانية و تعلقات الكونين
و بإثبات إلا الله
وبنوره يحصل صحة القلب وسلامته من الرذائل والأخلاق الذميمة بإنحراف مزاجه
الأصلي واستواء مزاجه وتنور حياته بنور الله فيتجلى الروح بشواهد الحق
وتجلي ذاته وصفاته
وأشرقت ارض النفس بنور ربها وزالت عنها ظلمات
صفاتها يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات
وبرزوا لله الواحد القهار
وعلى قضية أذكروني أذكركم تتبدل الذاكرية بالمذكورية والمذكورية
بالذاكرية ويفنى الذاكر في الذكر
ويبقى المذكور خليفة للذاكرفإذا
طلبت الذاكر وجدت المذكور وإذا طلبت المذكور وجدت الذاكر فإذا أبصر بي
أبصرته وإذا أبصرته أبصر بنا
سابعاً : الصدق إلى الله بكلية وجوده
وهوالخروج عن كل داعية تدعوه إلى غير الحق
كما هو بالموت فلا
يبقى له محبوب ولا ومطلوب ولا ومقصود ولامقتصد إلا الله
ولو عرض
عليه جميع مقا مات المرسلين فلا يلتفت إليها بالإعراض عن الله تعالى لحظة
واحدة
وكما قال الجنيد لو أن صديق اقبل على الله ألف سنة ثم اعرض
عنه لحظة مافاته أكثر مما ناله
ثامناً : الصبر
وهو الخروج عن
حظوظ النفس بالمكابدة والمجاهدة كما هو بالموت والثبات على نظامها
عن
مألوفاتها ومحبوباتها بتزكيتها وخمود شهواتها والإستقامة على الطريقة
المثلى
بتصفية القلب وتخلية الروح قال تعالى ( وجعلنا منهم ائمة يهدون
بأمرنا
لما صبروا وكانوا بأياتنا يوقنون )
تاسعاً : المراقبة
وهو
الخروج عن حوله وقوته كما هو بالموت مراقباً لمواهب الحق معترضاً لنفحات
ألطافه معرضاً عما سواه مستغرقاً في بحر هواه
مشتاقاً إلى لقاءه اليه
يحن قلبه لديه بان روحه به يستعينه عليه وبه
يستغيث اليه حتى يفتح باب
رحمة لا ممسك لها ويغلق عليه باب عذاب لا فتح له
فيفوز بنور ساطع من
الله رحمة الله على النفس فتزول ظلمة إماراتها في لحظة
ما لاتزول في
ثلاثين سنة بالمجاهدات والرياضات كما قال الله تعالى ( إلا ما رحم ربي )
وهم الأخيار بل تبدل سيئات النفس بحسنات الروح
لقوله تعالى (
فاؤلئك يبدل الله سيئاتهم حسنات )وهم الأبرار بل تكون حسنات
الأبرار
سيئات المقربين بحسنات ألطافه لقوله تعالى للذين أحسنوا الحسنى
وزيادة
فهذه الزيادة حسنات ألطاف الحق ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
العاشر
: الرضى
وهو الخروج عن رضا النفس بالدخول في رضا الله تعالى بالتسليم
للأحكام
الأزلية والتفويض إلى تدبير الأبدية بلا إعراض ولا إعتراض كما
هو بالموت
فمن يموت بإرادة عن هذه الأوصاف الظلمانية يحييه الله
بنور عنايته كما قال
تعالى ( أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له وجعلنا
له نوراً يمشي به في
الناس
كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها أي
من كان ميتاً بأوصاف نفسه الظلمانية فيى شجرة الانسانية
أحييناه
بأوصافنا الربانية وجعلنا له نوراًيمشي به أي بذلك النور في سراير الناس
يمشي بالفراسة ويشاهد أحوالهم كمن مثله في الظلمات
أي كمن بقي في
ظلمات شجرة الانسانية ليس بخارج منها لا بزهرية المالمؤمنية ولا بثمار
الطهاره والنبوة