بسم الله الرحمن الرحيم
نظرا لتعدد المشكلات التي تواجه انسان هذا العصر الذي أصبح يعيش في حياة ذات إيقاع سريع ومتطور, الأمر الذي بلا شك يعكس آثاره على طريقة وكيفية تناول الإنسان طعامه, مما يترتب عليه من اضطرابات تسمى اضطرابات تناول الطعام.
لقد أوضحت الدراسات العلمية أن اضطرابات الطعام أصبحت أكثر الاضطرابات النفسية خاصة عند النساء. ونظرا لأهمية التشخيص المبكر في تطور هذا المرض, ولأن الأعراض الفيزيائية الأولية غير كافية لتشخيصه من جهة أخرى, قامت مجموعة من الباحثين في مستشفى (سانت جورج) من خلال خبرتهم الطويلة مع هذا المرض, بوضع أسئلة خاصة الهدف من ورائها الاكتشاف المبكر للفهم الهضمي (أنوركسيا) ولمرض البوليميايا. هذا الاستبيان عرف باسم Scoff ,ويتكون من الأسئلة التالية:
*هل تجعلين نفسك تتقيأين نتيجة شعورك بالامتلاء؟
*هل تقلقين نتيجة اعتقادك بفقدان السيطرة على كمية الطعام المتناولة؟
*هل خسرت وزنا يعادل 6،5 كيلوغرامات خلال مدة ثلاثة شهور؟
*هل يسيطر الطعام على حياتك بطريقة أو بأخرى؟
وتمنح المريضة علامة واحدة على كل جواب بالإيجاب, وإذا كانت العلامات النهائية مماثلة للرقم 2 أو معادلة له كان احتمال الإصابة باضطرابات تناول الطعام كبيرا.
تم اختبار هذه الأسئلة على 116 امرأة تراوحت أعمارهن ما بين 18 و40 سنة, شخصت إصابتهن إما بالفهم العصبي أو بالبوليميايا, باستعمال معايير خاصة متعارف
عليها عالميا, بالإضافة الى هذه المجموعة, كانت هناك محموعة أخرى للمقارنة تألفت من 96 امرأة, تراوحت أعمارهن ما بين 18 و 39 سنة, جميع نسائها سليمات.
ووجد من خلال تطبيق هذه الأسئلة على الجميع, أنها كانت حساسة لكشف الإصابات وبدرجة كبيرة, وكما هو متوقع في هذه الأمراض, كانت أكثر إصاباتها انتشارا في
الطبقات الاجتماعية العالية, وكان السواد الأعظم من المصابات إما عازبات أو منفصلات أو مطلقات أو أرامل.
وعلى رغم سهولة هذه الاستمارة وإمكان تطبيقها, إلا أن الأمر بحاجة الى المزيد من الدراسة من أجل معرفة جدواه وفاعليته عند التطبيق الواسع على جميع أفراد
المجتمع, وخصوصا على الفئات ذات الخطورة العالية لتطور هذا المرض.
تنقسم الاضطرابات الطعامية بشكل عام الى قسمين: يدعى الأول ( الفهم العصبي). أما الثاني فيسمى ( البوليميايا) أو تناول الطعام المفرط.
وقد شهد الفهم العصبي تزايدا واضحا في الآونة الأخيرة, نظرا لارتباط النحافة بالجمال وهو أكثر ما ينتشر في المدارس الداخلية للبنات وفي مدارس الباليه, ولا توجد أسباب محددة لتطوره, إلا أن للوراثة دورا مهما في ظهوره, وكذلك عند وجود خلل هرموني في منطقة تحت السرير البصري في الدماغ. ولوحظ في معظم الحالات أن هناك قصة سابقة من السمنة وزيادة الوزن, ويطغى على مخيلة المريضة تشوه في تصور شكل جسمها مع خوف شديد من الانتقال إلى مرحلة البلوغ. لذلك تراها تحاول بشتى الوسائل إبقاء وزنها تحت الوزن الطبيعي اللازم لتطور الدورة الشهرية ومتجنبة الطعام بمختلف أساليب التحايل والمواربة.
من جهة أخرى, يتميز مرض البوليميايا بنوبات متكررة من تناول الطعام المفرط خلال مراحل قصيرة نتيجة فقدان السيطرة على التحكم بالكمية المتناولة خلال هذه النوبات, ويتبع ذلك نوبات تعويضية, مثل: تحريض القيء وتناول المسهلات في محاولة لمنع زيادة الوزن. وتتميز مريضات هذا النوع من اضطرابات الطعام بالجاذبية القوية وبحب المخالطة وصحبة الناس,على العكس تماما من مريضات الفهم العصبي اللواتي يتجنبن الناس بمقدار تجنبهن للطعام. وكذلك تتميز مريضة البوليميايا بالحساسية المفرطة. يبقى أن الصعوبة في معالجة هذه الأمراض تعود الى الدور الكبير الذي يلعبه المحيط في ظهورها, لذلك نرى نسبة الانتكاس مرتفعة,نظرا لعودة المريضة الى الظروف البيئية ذاتها بعد مرحلة علاجها, إلا أنه وبشكل عام يعتبر إنذار مرض البوليميايا أفضل بكثير من عواقب الفهم العصبي الذي مازال مستعصيا على العلاجات المتوافرة.