يقول محللون إن أفضل سيناريو محتمل هو تنحي مبارك وحصول انتقال سلمي نحو الديموقراطية
خرج
آلاف من المحتجين المصريين إلى الشوارع للاحتجاج على نظام الرئيس حسني
مبارك وذلك في أكبر تحد يواجهه نظامه بعد ثلاثين سنة في الحكم. وفي ما يلي
نظرة على ما يحدث في مصر ولماذا تهم هذه التطورات بقية دول العالم.
كيف اندلعت الاحتجاجات ومن هم المحتجون وما هدفهم؟اندلعت الاحتجاجات يوم الثلاثاء 25 يناير/ كانون الثاني عندما خرج آلاف
من المصريين إلى وسط القاهرة في ميدان التحرير بعد حملة داخلية استلهمت ما
حدث في تونس أطلق عليها اسم "يوم الغضب".
وجاء رد الشرطة على المتظاهرين برشقهم بقنابل الغاز المسيل للدموع
واستخدام خراطيم المياه لكن المحتجين لم يتزحزحوا عن موقفهم.
وواصل
المحتجون منذ ذلك الوقت مظاهراتهم الضخمة بشكل يومي في عدة مدن رئيسية في
مصر بما فيها القاهرة والإسكندرية والسويس والإسماعيلية وذلك في تحد لقرار
حظر التجول الذي فرضته السلطات العسكرية المصرية.
واتسمت المظاهرات بالطابع السلمي بشكل عام لكن أكثر من 100 شخص قتلوا في اشتباكات مع الشرطة.
يهدف
المحتجون إلى إجبار الرئيس المصري حسني مبارك البالغ من العمر 82 عاما،
على التنحي، بعد ثلاثين عاما قضاها في السلطة. ويقولون إنهم ملوا من عقود
من الفقر والقمع وتزوير الانتخابات والفساد وارتفاع معدلات البطالة وتفشي
سوء معاملة المصريين من طرف الشرطة.
كما يرغب المحتجون في الحصول على ضمانات بأن ابن الرئيس، جمال مبارك، لن
يخلف والده على خلاف التكهنات المنتشرة على نطاق واسع.
كيف تعامل الرئيس مبارك مع المحتجين؟ ألقى
الرئيس المصري خطابا متلفزا في منتصف ليلة الجمعة الماضية بعد أكثر من
ثلاثة أيام على بدء الاحتجاجات. وفي خطوة تنازلية لصالح المحتجين، أقال
مبارك الحكومة وعين نائبا للرئيس بعد 30 سنة من شغور هذا المنصب.
كما
عين مبارك رئيسا جديدا للوزراء هو أحمد شفيق وكلفه بإجراء إصلاحات
ديموقراطية وتوفير مناصب شغل جديدة. وقد بث التلفزيون المصري يوم الأحد
الماضي هذه الأوامر.
وأمر مبارك الحكومة
الجديدة التي لم يعين أعضاؤها بعد بإنهاء الفساد واستعادة الثقة في
الاقتصاد الوطني. وأظهرت صور تلفزية الرئيس مبارك وهو يزور مقر القيادة
العسكرية المركزية إذ اجتمع مع كبار ضباط القوات المسلحة.
وحلقت
الطائرات العسكرية المصرية على علو منخفض جدا يوم الأحد 29 يناير فوق رؤوس
المحتجين المحتشدين في ميدان التحرير في خطوة اعتبرت بمثابة استعراض للقوة
على ما يبدو.
وانتشرت الدبابات والعربات المصفحة في أنحاء القاهرة التي يقطنها 18 مليون
شخص كما أن المروحيات العسكرية تحلق في سماء القاهرة.
ومنعت
السلطات الوصول إلى الإنترنت في محاولة على ما يبدو لإرباك منظمي
الاحتجاجات لكن خدمة الهاتف المحمول عاودت عملها بعد إيقافها يوم الجمعة
من طرف السلطات المصرية.
ويبدو أن المحتجين
من جهتهم لم يأبهوا بتعيينات مبارك السياسية إذ واصلوا احتجاجاتهم في
شوارع عدة مدن مصرية، ويقول محللون إن المتظاهرين لن يقبلوا أقل من تغيير
النظام.
من هم اللاعبون الأساسيون؟ ليس
هناك شخصية واحدة تقود المعارضة ضد الرئيس مبارك إذ إن المحتجين يمثلون
طيفا واسعا من المجتمع المصري سواء كانوا من الشباب أو المسنين، من
الأغنياء أو الفقراء، من العلمانيين أو الإسلاميين. هنا بعض اللاعبين
الرئيسيين:
الجيش: تعتبر
المؤسسة العسكرية لاعبا رئيسيا ويعتبرها كثيرون صمام الأمان في مثل هذه
الأوضاع. ويتمتع مبارك حتى الآن وهو قائد سابق في سلاح الجو بدعم الجيش.
لكن في حال تصاعد الاحتجاجات، فمن المرجح أن تبرز أصوات هامة في داخل
الجيش تحث مبارك على التنحي.
حركة 6 أبريل:
حركة شبابية تعمل على تنظيم فعاليات داعية للديمقراطية. وكانت هذه الحركة
الشبابية المعارضة إحدى القوى التي نظمت مظاهرات الثلاثاء 25 يناير/ كانون
الثاني.
محمد البرادعي: حائز
على جائزة نوبل للسلام والمدير السابق لمنظمة الطاقة الذرية في فيينا.
وتفيد التقارير أنه شارك قادة مختلف جماعات المعارضة في اجتماعات بشأن
الاتفاق على استراتيجية للمرحلة المقبلة.
حركة الإخوان المسلمين: وهي أكبر حركة معارضة في مصر قامت بأدوار خلفية في الاحتجاجات خشية تعرضها لقمع شديد.
حزب التجمع: وهو تنظيم يساري يمثل المعارضة البرلمانية حاليا.
حزب الوفد: لا يتمتع بجماهيرية واسعة لكنه كان يقود المعارضة البرلمانية.
حزب الغد: وهو من القوى الحاضرة دائما في الاحتجاجات ويشتهر مؤسسه أيمن نور بترشحه للرئاسة.
ما هي الرهانات؟ بسبب
الدور المركزي لمصر، فإن ما يحدث في القاهرة ستنعكس آثاره على بقية
المنطقة. لقد ظل مبارك لاعبا رئيسيا في سياسيات الشرق الأوسط وحليفا قويا
لدول الغرب منذ أن استلم الحكم عام 1981. وقد كان له الفضل في دفع الأردن
إلى توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل بالإضافة إلى مصر.
ويقول
محللون إن إذا انقلبت الاضطرابات في مصر إلى ثورة، فإنها قد توجه ضربة
قاصمة إلى عملية السلام المترنحة أصلا وتدق بالتالي أجراس الخطر بالنسبة
إلى الأنظمة الاستبدادية في المنطقة.
وهناك
مخاوف من أن المتطرفين قد يستغلون الفراغ السياسي أو أن جماعات إسلامية
مثل جماعة الإخوان المسلمين قد تصل إلى السلطة في حال إجراء انتخابات حرة
وتزيهة.
وبعيدا عن السياسة، فإن أزمة مصر
لها مضاعفات كبيرة على أسواق المال العالمية. وفي هذا الإطار، انخفضت
أسعار الأسهم في كبريات البورصات العالمية كما أن أسعار النفط شهدت
ارتفاعا بعدما راوحت مكانها لمدة سنتين.
كيف تعامل المجتع الدولي مع احتجاجات مصر؟ الضغوط
التي يمارسها المجتمع الدولي في تصاعد من أجل حل الأزمة في مصر. وفي هذا
الإطار، لم تعبر الولايات المتحدة، التي ضخت مليارات الدولارات إلى مصر،
عن رغبتها الصريحة في رحيل مبارك لكن الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته
هيلاري كلينتون حثا على "انتقال منظم" نحو مستقبل ديموقراطي لمصر.
وفي
السياق ذاته، دعا قادة دوليون في الأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا
مبارك إلى تجنب العنف وتطبيق إصلاحات في ظل استمرار الاحتجاجات.
وأجرى
أوباما اتصالات بقادة أجانب منهم رئيس الوزراء التركي، طيب رجب أردوغان،
والملك السعودي، عبد الله ورئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون.
ما هي سيناريوهات المستقبل في مصر؟ ليس
هناك أدلة على أن الاحتجاجات يمكن أن تخفت حدتها ويرى كثير من المحللين أن
أيام مبارك أصبحت معدودة. وعقد قادة جماعات المعارضة اجتماعات لمناقشة
استراتيجية التعامل مع المرحلة المقبلة. ويرغب بعض المعارضين في تنحي
مبارك بحلول يوم الجمعة المقبل.
واتفقت
قيادات احزاب المعارضة على 4 مطالب هي: تنحية الرئيس مبارك، وتشكيل حكومة
ائتلافية، وتشكيل لجنة لوضع دستور جديد، وحل البرلمان.
لكن
الرئيس المصري يظن أن ليس بإمكانه الانحناء أمام العاصفة وقد أعطى أوامره
لرئيس الوزراء الجديد بتطبيق إصلاحات ويبدو أنه مستعد لإرسال الجيش لسحق
الاحتجاجات. لكن ليس من الواضح إن كان أفراد الجيش سيطبقون الأوامر بإطلاق
النار على جموع عزلاء.
ويقول محللون إن أفضل
سيناريو محتمل هو تنحي مبارك وحصول انتقال سلمي نحو الديموقراطية وإجراء
انتخابات حرة ونزيهة وتطبيق مزيد من الحريات السياسية. لكن الأمر يتوقف في
نهاية المطاف على كيفية تعامل مبارك مع الاحتجاجات ورد فعل المحتجين في
الشوارع.