ظهرت الأحصنة والجمال في قلب ميدان التحرير!
حسنا هذه هي "الحشرجة" الأخيرة لنظام مبارك، الذي يبدو- أي النظام-
كخرتيت ضخم سيطر عليه شجعان ووضعوا الحراب في كل جزء من جسده، فخارت قواه
وتهاوت أطرافه لكنه يصر- كخرتيت متوحش- على أن ينطح كل المحيطين به لعله
يظفر بروح أحدهم فلايرحل من هذه الدنيا إلا والدماء قد علقت بيديه أو
قرونه.
النظام الذي يعزل شعب عن العالم لخمسة أيام كاملة بحرمانه من شبكة
الإنترنت هو حتما ذلك النظام الذي يستعين بخيول وجمال يقودها بلطجية
ليدوسوا المتظاهرين العزل في ميدان التحرير، هذا نهج يتسق تماما مع الدماغ
"البدائية" الوحشية، وعلينا أن نتوقع إذن أن يكون الهجوم التالي على
المتظاهرين العزل بالمنجنيق أو ربما يتم الاستعانة بجيش الكومبارس الذين
جسدوا جيوش التتار في فيلم واسلاماه، لاسيما وأن جحافل شرطة مبارك ضربت
المتظاهرين و"هما بيصلوا" فعلا في يوم الجمعة 28 يناير، وهو أمر لم يجرؤ
عليه الصليبيين حتى في أفلام السينما.
كما يليق بديكتاتور يعيش لحظات حكمه الأخيرة، نفذ – أو مرر أو أغمض
عينييه -الرئيس مبارك "مذبحة الأربعاء" في ميدان التحرير، ليسجل اسمه
بحروف من دم في أسود سجلات التاريخ باعتباره الحاكم الذي قتل شعبه بالأمر
المباشر عبر هجمة الأحصنة والجمال وزجاجات المولوتوف والعصي والحجارة
ورصاصات القناصة، وهو كوكتيل فريد من وسائل الموت لم يستطع أحد قط أن
يستخدمه دفعة واحدة تجاه مجموعة من الشباب العزل.
انتهت البطارية التي يعمل بها نظام مبارك منذ 30 سنة، وفرض شباب شرفاء
أبطال عظماء كلمتهم على الحاكم في سابقة لم تحدث من قبل في مصر، وفرضوا
على نظام عجوز متغطرس عنيد دموي كل شروط اللعبة.. الموعد "25 يناير"، و
المكان" كل مساجد وكنائس مصر"، وساحة المعركة الأخيرة "ميدان التحرير"،
ومن قبل كل هذا حشدوا إرادتهم الخالصة المخلصة للوطن، والتاريخ دوما يؤكد
بأن "الإرادة" تهزم "العند".
سينتصر الشباب اللي زي الفل في نهاية، ستنتصر مصر حتما، والرئيس مبارك
أول من يعلم هذا لكن لعنة الله على "الكبر" الذي إذا استولى على أحد دفعه
للتحصن بذاته متصورا أن نهاية العالم ستبدأ حتما مع نهايته.
وسواء تم هذا في "جمعة الرحيل" أو في "سبت الوداع" أو في "الأحد
الأخير"، النتيجة ستكون-بإذن الله- واحدة.. مبارك لن يكون رئيسا لمصر حتى
سبتمبر القادم.. خوار الخرتيت -رغم صوته المروع والدماء التي ينثرها في
الساحة والشهداء الذين يسقطهم بنذالة وعفوية تليق بخسته- بدأ في الخفوت
ومصيره الأخير هو السكون والصمت ليعلو صوت الشمس.