الخطوط الجوية الجزائرية مهددة بالإفلاس
السبت 16 يوليو/ تموز
هذه* خلفيات* وخبايا* إضراب* المضيفين* ومستخدمي* الملاحة* التجارية
أنهت النقابة الوطنية لمستخدمي الملاحة التجارية "PNC"، التي تمثل مستخدمي شركة الخطوط الجوية الجزائرية من المضيفين والمضيفات ورؤساء المقصورات، أخطر إضراب في تاريخ النقل الجوي الجزائري منذ الاستقلال والذي تسبب في خسائر بالملايير، فضلا عن تدمير صورة الشركة في الخارج،* فضلا* عن* اقتراب* الشركة* من* مرحلة* الانهيار* التام* ووضعها* على* قائمة* شركات* الطيران* الممنوعة* من* دخول* المطارات* الفرنسية* بسبب* عدم* المهنية* وضعف* الاحترافية* في* التعامل* مع* الحالات* القصوى*.
وتقرر إنها الإضراب الذي دام أربعة أيام متتالية بعد طلب من الوزير الأول أحمد أويحيى بإنهاء الإضراب قبل أي حوار محتمل مع النقابة، وهو القرار الذي نقله وزير النقل عمار تو الذي التقى أمس لساعات طويلة مع الرئيس المدير العام الجديد للشركة محمد الصالح بولطيف.
وكشف عمار تو، عن رفع العقوبات التي سلطت على عدد من المضيفين، مشيرا إلى أن المفاوضات بين الطرفين ستستمر في الهدوء وسيتم اتخاذ الإجراءات العقلانية التي لا ترهن مستقبل الشركة، مشيرا إلى أن بعض مطالب النقابة تعجيزية، منها مطلب زيادة الأجور بنسبة 106 بالمائة.
واعتبرت المديرية العامة للخطوط الجوية الجزائرية، مطلب رفع الأجور بمعدل 106 بالمائة بالمستحيل، على اعتبار أن الاستجابة له تعد مخاطرة انتحارية للشركة التي تكبدت خسائر مادية رهيبة خلال الإضراب، كما أن التراجع أمام مطالب النقابة الوطنية لمستخدمي الملاحة التجارية،* سيفتح* باب* جهنم* على* الشركة* التي* ستكون* مضطرة* للرضوخ* إلى* مطالب* زيادة* الأجور* لقطاعات* أخرى* أكثر* أهمية* على* غرار* المختصين* في* الصيانة* وربابنة* الطائرات* ومساعديهم*.
وكشف مصدر من داخل شركة الخطوط الجوية الجزائرية في تصريحات لـ"الشروق"، أن مسؤولية الإضراب المدمر الأخير يتحملها الرئيس المدير العام السابق للشركة وحيد بوعبد الله الذي وافق على زيادة أجور مستخدمي الملاحة التجارية بنسبة 70 بالمائة قبل تنحيته من منصبه، وهي الزيادة التي اعتبرتها الإدارة الجديدة للشركة بالمستحيلة، مقترحة زيادة في حدود 20 بالمائة لجميع عمال الشركة، وهو القرار الذي رفضته نقابة مستخدمي الملاحة التجارية وقررت تحدي الإدارة الجديدة وتعجيزها وتقديمها طلب زيادة بنسبة 106 بالمائة.
وكشف المصدر أن شركة الخطوط الجوية الجزائرية تتكبد خسارة صافية في حدود 950 مليون سنتيم عند إلغاء كل رحلة طائرة اريباس أ 330 - 200 تتسع لـ250 راكب نحو باريس، فيما تتكبد خسارة صافية في حدود 450 مليون سنتيم عن إلغاء رحلة لطائرة بوينغ 737 أ 800 التي تتسع لـ110 راكب والمستعملة حاليا في الرحلات الدولية نحو المدن الأوروبية، مشيرا إلى الشركة تتكبد خسارة مضاعفة كلما كانت نسبة الامتلاء مرتفعة، والتي تصل وقت ذروة الطلب من فرنسا نحو الجزائر معدلات تتراوح بين 96 و100 بالمائة على جميع الخطوط من فرنسا نحو الجزائر.
وقدر المتحدث الخسائر الناجمة عن إلغاء نحو 180 رحلة محلية ودولية، بأزيد من 30 مليار سنتيم، منها 20.5 مليار سنتيم بالنسبة للرحلات الدولية نحو فرنسا وإسبانيا وايطاليا وسويسرا ودبي وتونس والمغرب ومالي والنيجر وكندا والصين ومصر ومالي والنيجر وموريتانيا وجدة، وحوالي* 10* ملايير* سنتيم،* بالنسبة* للرحلات* المحلية*.
وأكد المتحدث، أن الخطوط الجوية الجزائرية تلقت أعنف ضربة منذ سنوات طويلة، لأن 80 بالمائة من رقم أعمال الشركة وصحتها المالية يعتمد على الخطوط نحو باريس والعربية السعودية عن طريق حصة الحج التي تخصصها السلطات السعودية للشركة، مضيفا أن خطوط الشركة نحو فرنسا بدأت* تتآكل* بفعل* المنافسة* الشرسة* مع* شركات* النقل* الجوي* الفرنسية،* بالإضافة* إلى* عجز* الشركة* على* منافسة* الشركات* التونسية* والمغربية* والقطرية* على* الخطوط* نحو* هذه* الدول*.
شركة* طيران* بدون* مديرية* للبرمجة*
وكشف المصدر، أن قيام الرئيس المدير العام السابق، بإلغاء مديرية البرمجة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية وهي المديرية المكلفة بالإشراف على كامل عمليات الشركة، دمر مستقبل الشركة وأفقدها واحدة من الأدوات الأساسية للمنافسة، حيث أصبحت غير قادرة على توقع الطلب وكيفية التعامل معه سواء بالنسبة للرحلات المحلية أو الدولية أو توقع العمليات المتعلقة بالحج والعمرة أو بعودة المهاجرين الجزائريين، فضلا عن كيفية التعامل مع المناقصات الدولية الخاصة بكراء الطائرات خلال فترات ذروة الطلب.
وقرر وحيد بوعبد الله إلغاء المديرية وتحويلها إلى مجرد مصلحة وإرسالها إلى مطار الجزائر بدون توفير الحدود الدنيا للعمل بعد تدمير مصلحة الإعلام الآلي، وبسبب الفوضى في البرمجة وصدمة الإضراب، قررت الشركة اللجوء مجبرة وفي ظروف استثنائية إلى شركات كراء الطائرات التركية والايسلاندية، بعد الحصول على تفويض من وزارة النقل من أجل السماح للشركة بكراء الطائرات والحصول بنفس التفويض على موافقة بنك الجزائر بالسماح للشركة بتحويل الأموال بالعملة الصعبة لدفع مستحقات كراء الطائرات الذي يتم عادة بطريقتين إما مجهزة بطاقمها (wet )* أو* بدون* طاقم* (drg*)* *.
* 70* بالمائة* من* مستخدمي* الجوية* لا* علاقة* لهم* بالتخصص
وكشفت دراسة لمكتب الخبرة الأمريكي "بوز ألين هاملتون"، أن شركة الخطوط الجوية الجزائرية تعاني من فائض رهيب في عدد عمالها البالغ قرابة 9000 عامل، مشيرا إلى أن المشكلة الرئيسية التي تهدد مستقبل الشركة هي عدم تخصص الموظفين العاملين بالشركة في المهن ذات العلاقة بقطاع الطيران والنقل الجوي على وجه الخصوص، مما يثقل كاهل موازنة الشركة التي تجد نفسها أمام خيارين إما الاستثمار المضاعف في تأهيل مواردها البشرية أو اللجوء إلى الخبرات المستوردة وهي إمكانية غير متاحة في ظل احتكار الدولة لقطاع النقل الجوي.
ونجحت الشركة سنة 2006 في تخفيض عدد عمالها إلى حوالي 7000 موظف، إلا أن التوظيف المكثف الذي قام به الرئيس المدير العام السابق والذي ناهز حوالي 2000 منصب جديد كلهم بدون تخصص، مما سبب في العودة إلى نقطة البداية وخاصة بالنسبة لمستخدمي الملاحة التجارية الذين تجاوز* سنهم* الخمسين* سنة* ولكنهم* يرفضون* العمل* في* الأرض،* وخاصة* أن* أغلبهم* هم* أبناء* أو* أقارب* مسؤولين* كبار* في* الدولة*.