المرأة والإسلام (لا يفرك مؤمن مؤمنة)
المرأة والإسلام (لا يفرك مؤمن مؤمنة)
الشيخ محمد بن لطفي الصباغ ( الرياض - السعودية )
من برنامج كلمات مضيئه
السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.
أيها الأخوة والأخوات مازلنا نتحدث عن هذا النموذج من حياة السلف الصالح كيف كان هذا الجيل المثالي العظيم قائما على الأخوة في الله وعلى التناصح فيما يرضي الله عز وجل وعلى التعاون على البر والتقوى وقد ذكرنا أن سلمان رضي الله تعالى عنه الذي آخى النبي بينه وبين أبي الدرداء زار أبا الدرداء ورأى أم الدرداء متبذلة فقال لها لماذا أنت هكذا فذكرت له أن أبا الدرداء منصرف إلى العبادة ففي الليل هو قائم يصلي وفي النهار صائم لا يأكل ولا يشرب فعندئذ نصح سلمان أبا الدرداء وكذلك في سؤال سلمان أم الدرداء عن حالها لماذا لا تكون متهيئة لاستقبال الزوج..
في الحقيقة ذكرنا أن من الأمور التي يدعو إليها الشرع أن تتزين المرأة لزوجها..يعني حتى ما يتطلع إلى نساء أخريات فعلى المرأة في الحقيقة أن تكون جذابة لزوجها حريصة على أن يكون سعيدا بها.
في هذا الحديث نجد كذلك الذي ذكرناه تقديم الضيافة...فالضيافة هذا شيء والحمد لله موجود في عالم المسلمين مهما كان الإنسان فقير تجد أنه إذا جاءه ضيف يقدم له ضيافة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) فإن إكرام الضيف هذا من سنن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه...ويحسن ألا يتكلف صاحب الدار إذا كان في البيت طعام أما إن لم يكن هناك شيء فلا مانع من أن يتكلف مادام قادرا وأن يكون هذا في حدود طاقته.
يا أيها الإخوان التكلف هو الذي يسبب البخل لأنه لا يستطيع الإنسان أن يذبح لضيوفه في كل يوم ذبيحة وإذا استطاع ماليا زوجته لا تساعده تقول له إيش طالعت روحنا كل يوم كل يوم بدنا نقدم...أما إذا قدم الطعام الذي يأكل منه هو وأسرته هذا ممكن أن يضيف في كل يوم أو في كل أسبوع.
أمة الإسلام ورثت هذا الخلق كابرا عن كابر فكذلك من العادات التي أدركناها والتي رأيناها في حديث أبي الدرداء مع سلمان أن الزائر ينام عند هؤلاء الذين يزورهم وإن كان الزائر والمزور من بلدة واحدة وهذا فيه مبالغة في التحبب والتواد إذا كان هذا لا يؤذي الذي يزوره الإنسان...في زمن قريب كان الناس إذا تزاوروا وتأخرت بهم السهرة ينامون عند المضيفين الذين يضيفونهم.
كذلك يا أخواني الكرام ويا أخواتي الكريمات قضية قيام الليل هذه سنة يقصر بها كثير من الناس وأنا اسأل الله تعالى أن يوفقني وأن يوفقكم إلى إحياء هذه السنة...أفضل النوافل صلاة قيام الليل فينبغي أن نحرص عليها وهذا أبو الدرداء كان يقوم الليل كله فسيدنا سلمان قال له لأ نام الآن في أول الليل وفي آخر الليل أقوم أنا وإياك ونصلي.
ثم نجد أن سيدنا سلمان رضي الله عنه بين لأبي الدرداء أن هناك حقوقا لا بد أن نؤديها جميعا لا يجوز أن يقتصر الإنسان على حق واحد ويضيع الحقوق الأخرى فقال له شوف..إن لربك عليك حقا معلش صوم وصلي أيوا ولكن لا ينبغي أن يحملك هذا على تضييع حقوق الآخرين وإن لجسدك عليك حقا ..هذا الجسد ربنا عز وجل أعطانا إياه ينبغي أن لا نرهقه وألا يعني نتعبه وأن نقوم بما نستطيع....وإن لنفسك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا. كذلك الزوجة والأولاد هؤلاء لهم حق ينبغي أن يجلس الإنسان معهم وأن يتحدث إليهم وأن يعطي هؤلاء حقهم فلما ذهبوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أقر الر سول عليه الصلاة والسلام كلام سلمان بأن قال صدق سلمان.
يا أيها الأخوة والأخوات..وهذا لم يكن فقط عند أبي الدرداء بل أنه كان عند نفر من الصحابة يبالغون في العبادة فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يأمرهم بألا يضيعوا بسبب العبادة حقوقا أخرى...المهم أن يستطيع الإنسان أن يقوم بهذه الحقوق بشكل متوازن هناك الجسم، هناك الزوجة، هناك الوالدان، هناك الأولاد، هناك الزائر الذي يزورك كل هؤلاء لهم حقوق فما ينبغي أن يقوم الإنسان بحق واحد ويهمل الحقوق الأخرى.
هناك حديث الحقيقة أيضا في الصحيحين في البخاري ومسلم أن سيدنا عبد الله بن عمر بن العاص كان من العباد فسيدنا عمر رضي الله تعالى عنه نصح قال يا بني التفت إلى الأمور الأخرى لكن عبد الله بقي مصرا على ماهو عليه فأراد أن يزوجه لعل الزوجة يعني تغير من منهجه –ونحن نرى في عصرنا الحاضر أن الزوجة تغير كثيرا من عادات الزوج وأحواله- فالرسول عليه الصلاة والسلام قال له يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل قلت بلى يا رسول الله قال فلا تفعل صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينيك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا –الزور يعني الزوار- الذين يزورون مو واحد يجيه ضيف زائر ويقوم هو يصلي ويخلي بالغرفة محبوس لا اجلس معه وآنسه وأكرمه ولا تنصرف عنه ولو كان بعبادة ينبغي أن توازن بين هذه الأمور كلها.
ثم قال عليه الصلاة والسلام لعبد الله إن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإذا ذلك صيام الدهر كله...إذا صام ثلاثة أيام وكل يوم الحسنة بعشرة أمثالها بيطلعوا ثلاثين يوم إذا كان في كل شهر يصوم ثلاثة أيام يكون كأنه قد صام الدهر كله ...يقول عبد الله فشددت على نفسي فشدد علي قلت يا رسول الله إني أجد قوة قال طيب صم صيام نبي الله داوود عليه السلام ولا تزد عليه...قلت وما كان صيام نبي الله داوود ؟ قال نصف الدهر يعني صم يوما وأفطر يوما.
فكان عبد الله يقول بعد ما كبر يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم.
سيدنا عبد الله بن عمر يقص علينا في أحاديث آخر فيقول أنكحني أبي امرأة ذات حسب وكان أبي يأتي ويتعاهدها ويسألها فسألها عن بعلها يعني سألها عني فقالت نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه. قال فوقع أبي علي فقال زوجتك امرأة فعضلتها وفعلت وفعلت وفعلت. يقول عبد الله فلم ألتفت إلى ذلك ولما كان لي من القوة على العبادة فذكر أبي ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي عليه الصلاة والسلام ألقني به فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن في بيتنا شيء فعندي وسادة حشوها من ليف فأليقتها إلى النبي عليه الصلاة والسلام فما رضي أن يجلس عليها وإنما جلس على الأرض وجعل الوسادة بينه وبين عبد الله بن عمر ثم بدأ يعني يحدثه أن يقلل من الصيام...فقال له صم من كل شهر ثلاثة أيام قال أستطيع...قال صم يوما وأفطر يومين قال أستطيع أكثر من ذلك...ثم بعد ذلك قال له تصوم صيام داوود كما ذكرنا...قال أنا أستطيع أكثر من ذلك..فقال ليس أفضل من ذلك...أفضل الصيام صيام داوود كان يصوم يوما ويفطر يوما ومن صام الدهر فلا صام كأنه ما صام.
الآن يتزوج الأخوة ينبغي أن نوازن في حياتنا...الآن يتزوج الرجل وتكون عنده قضية الأم لها حقوق والزوجة لها حقوق..فبعض الشباب يعطي حقوق الزوجة وبعضهم يعطي حقوق الأم كل همه..لا ينبغي أن يعطي حق الأم وحق الزوجة وأن يعطي حق الأولاد..ما ينصرف إلى يعني نوع من هذه الحقوق ويهمل الحقوق الأخرى وفي السابق كان الناس يكرمون أمهاتهم على حساب الزوجات فيصيبها شيء من الظلم...الآن يؤسفني أن أقول أن الأمر انعكس فكثير من الناس يعطي الزوجة كل الحقوق ويظلم أمه وهذا يعني ظلم كبير لأن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر.
نسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى ما يرضيه وإلى لقاء آخر إن شاء الله والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.