في تأكيد علي التأثير القوي الذي خلفته الثورة
المصرية علي الصعيد الدولي, وصفت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية للأنباء
ثورة25 يناير بأنها حالة عالمية تستحق الدراسة,
مؤكدة أنها لم تمتد فقط إلي الدول المجاورة في الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا ولكنها أسرت المنشقين والنشطاء السياسيين في مختلف أنحاء العالم
الذين اعتبروها أملا جديدا لاقتلاع الأنظمة القمعية والديكتاتورية
المسيطرة علي مقاليد السلطة في العديد من مناطق العالم منذ عشرات السنين.
ويؤكد التقرير أن مصر قدمت نموذجا يحتذي به سواء للثوار أو الأنظمة
الاستبدادية في القارات الأخري, الذين بدأوا بالفعل في دراسة كتيب
التعليمات المتبع في الشرق الأوسط بدءا باستخدام الثوار للشبكة الاجتماعية
فيس بوك وتويتر في التواصل مع بعضهم البعض, ونهاية بالتعهدات السريعة
بالإصلاح وتجنيد بلطجية في ملابس مدنية, والتي تفشت خلال الفترة الأخيرة
عبر دول الشرق الأوسط لتمتد من ليبيا إلي اليمن والبحرين.
فخلال الأيام الماضية, أشار التقرير إلي أن ناشطين من كوريا الجنوبية
استخدموا بالونات هيليوم عبرت الحدود للشطر الشمالي, حيث حملت للكوريين
الشماليين رسالة تدعوهم للتخلص من زعيمهم كما فعل المصريون.
وأكد أحد المنشورات, التي طارت عبر المنطقة المنزوعة السلاح الفاصلة بين
الكوريتين, أن المصريين هبوا في ثورة للإطاحة بديكتاتورية رسخت جذورها
علي مدي ثلاثين عاما.
ولكن التقرير يؤكد أن الوضع مختلف تماما في بيونج يانج, فلا يوجد هناك
أي آثار للمعارضة المنظمة, كما أن المواطنين ليس لديهم أي اتصال بمحطات
الإذاعة والتليفزيون الأجنبية أو حتي شبكة الإنترنت, مشيرا إلي أن
النظام الحاكم في كوريا الشمالية طالما تمتع بعلاقات وطيدة وجيدة بالنظام
السابق في مصر.
أما بالنسبة لميانمار- بورما سابقا- فيؤكد التقرير أن الحركات
المعارضة والمنشقين في تلك الدولة الخاضعة للحكم العسكري يسعون لمعرفة كل
ما يمكن معرفته حول الثورة المصرية, وذلك علي الرغم من التعتيم الإعلامي
الذي مارسته السلطات المحلية في يانجون علي كل الأنباء الواردة حول تطورات
الثورة المصرية.
كما نقل التقرير عن مارك فارمنر, الذي ينتمي لإحدي الجماعات البورمية
المعارضة المتمركزة في لندن, أن المنشقين يحاولون بشتي الطرق الاستفادة
من التجربة المصرية, بحيث أصبح شغلهم الشاغل هو الدروس المستفادة منها
وكيفية تطبيقها.
ولكن فارمنر يؤكد أن الوضع مختلف في ميانمار عما هو عليه في مصر, فالجيش
هناك علي أتم الاستعداد لإطلاق النار بمجرد صدور أي أوامر بذلك من قبل
النظام الحاكم, بعكس الجيش المصري, فلا يمكن الفصل هناك بين الجيش
والرئاسة بأي شكل من الأشكال, وهو الأمر الذي دفع زعيمة المعارضة
البورمية أونج سان سوتشي للحوار مع الزعماء السياسيين وسط مخاوف من
انتفاضة شعبية قد تنتهي ببحر من الدماء.
وكانت سوتشي قد أكدت لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي- قبل أيام من
تنحي مبارك- أن المظاهرات الاحتجاجية ربما تكون وسيلة للتغيير, لكنها
ليست بالضرورة أفضل سبيل لتحقيق الهدف.
ونقل التقرير عن بعض المواطنين- الذين خشوا الافصاح عن هوياتهم- أن
الدموع ترقرقت في أعينهم وهم يتابعون فرحة المصريين بالإطاحة بزعيمهم
المخلوع عبر الأقمار الصناعية, وتمنوا سرا لو يحدث ذلك لهم.
وفي زيمبابوي, امتدت المخاوف من اندلاع ثورة شعبية إلي هذه الدولة
الأفريقية, حيث اتهمت الإذاعة الرسمية- الخاضعة لسيطرة الرئيس المخضرم
روبرت موجابي الذي أمضي نحو30 عاما في الحكم- زعيم المعارضة السابق
ورئيس الوزراء الحالي مورجان تسفانجيراي بالتحريض لإثارة الشعب ضد النظام
الحاكم مثلما حدث في مصر وتونس. وكان تسفانجيراي قد تعهد قبل انضمامه
للائتلاف الحاكم أنه يدعم التغيير السلمي وأنه لن يعرض أنصاره لأي مخاطر
محتملة.
ولكن المحللين السياسيين أكدوا صعوبة تكرار التجربة المصرية أو التونسية
في زيمبابوي نظرا لولاء الجيش الكامل للرئيس وأنه علي استعداد لقمع أي
ثورة في المهد.
ويؤكد المحللون السياسيون أن انتقال الثورات عبر القارات أمر له سوابق
تاريخية, فالثورة الأمريكية كانت دعامة رئيسية استندت إليها الثورة
الفرنسية, والتي أثرت بشكل مباشر في هايتي, حيث انتفض العبيد ضد
المحتلين الفرنسيين في غضون أعوام قليلة خلال القرن الثامن عشر.