ى سنة 1962 زار المقرئ الكبير الشيخ عبدالباسط مع الشيخ الحصري ــ رحمهما الله ــ باكستان إستجابة لدعوة وجّهت لهم من قبل الحكومة الباكستانية آنذاك.. و كان معهم الشيخ ملا محمد ربيعي ــ و هو كردي من مدينة كرماشان تابعة لإيران على حدود العراق ــ (وكان هو قارئاً مشهورا في كل أنحاء إيران).. و أسر لي بذكريات له في ذلك الحادث حيث زرته في مدينة كرماشان سنة 1995 و استشهد بصور له مع الشيخين الجليلين في تلك الزيارة. حيث أراني صورة لهم و هم يتابعون "ببغاءً" قد درّب على تلاوة سورة الإخلاص بتجويد كامل و هم يبكون لتلاوة الطائر للسورة الشريفة!!
و قال بأن الشيخين كانوا ورعين جدا يقومون ليلهم و يذكرون الله في نهارهم... و قال الشيخ عبدالباسط ــ رحمه الله ــ لي: يا ربيع القلوب! (وهذا كان كنيتي عنده) هل تدري بأني أنتسب إلى ملتكم و أنا كردي من عشيرة "خوشناو" حيث سافرنا في أيام القحط في عهد جدي المرحوم إلى مصر و سكن في صعيد مصر و تزوج جدي هناك (و هوكان سائق اللوكوموتيف)!! و كان الشيخ عبدالباسط يفتخر بالزي الكوردي!!
(و أنا أيضا وقفت على مصدر آخر و هو كتاب للشيخ أحمد الجزيري ــ مقتبسة بمجلة روزاليوسف ــ يؤكد بأن الشيخ عبدالباسط و عباس العقاد يرجع شجرة نسبهم إلى القومية الكردية).
... و كان خاتمة الشيخ الربيعي ــ حمه الله ــ خاتمة حسنى حيث أستشهد على يد النظام الإيراني بعد إلقائه خطبة جسورة ــ و هو إمام و خطيب المسجد الشافعي آنذاك ــ مدافعاً عن الصحابة الكرام و لم يرق كلماته للقائمين حيث ساقوه إلى مكان مجهول و بعد عدة أيام رموا بجثته أمام داره... رحمه الله و يسكنه في فسيح جناته.
و كنت دائم التردد على الشيخ الربيعي حيث كان يدعوني دائماً لتلاوة القرآن في خطباته و الحضور في مجالسه.. و لكني اضطررت فيما بعد إلى إخفاء نفسي و الهروب و العودة إلى العراق ــ و هو وطني الأصلي ــ بعد حادث إختطافه و إستشهاده!! و الآن أنا ممنوع الدخول في إيران!!!
صوت عبد الباسط عبد الصمد وإسلام البروفيسور الاسباني ميجيل بيرو
قرأ "ميجيل بيرو" عن الإسلام الذي وضع ضوابط للسلوك ومعايير أخلاقية في المعاملات، في الوقت الذي كره الحرية المنفلتة في أوربا، والانحلال، وعدم الترابط الأسري، وكثرة الجرائم والانحرافات التي سادت المجتمعات الغربية.
ثم حدث أن إلتقى بمجموعة من الأسبانيين المسلمين، وعن طريقهم أتيح له إمكانية قراءة ترجمة معاني القرآن بالأسبانية، فاستشعر بميل قوي ودبيب حُبّ تجاه هذا الدين، فواصل قراءاته المكثفة عنه حتى اقتنع تماماً بتعاليمه ومنهاجه، بعدها قرر أن يشهر إسلامه، ويختار لنفسه اسم "نصر الدين".
يقول في مجمل حديثه عن إسلامه:
"لقد التقيت بمجموعة من الأسبانيين المسلمين، وعن طريقهم اُتيحت لي إمكانية قراءة ترجمة معاني القرآن، كما قرأت عن التراث العربي القديم فأُعجبت به، بعدها قررت أن يكون الإسلام ديني.
وقد قام أحد أصدقائي بترجمة كتاب "المحظورات" للشيخ "ياسين رشدي" واستفدت فيه كثيراً، وسمعت صوت الشيخ "عبد الباسط عبد الصمد" في قراءة القرآن وأحببته كثيراً".
ويضيف:
"وبالرغم من القليل الذي عرفته عن الإسلام فإنني أتمنى من كل قلبي أن يهتدي إليه الناسُ أجمعون، وسأعمل على الدعوة إلى الإسلام، وسوف ابتدىء بعائلتي والمقربين إليَّ إن شاء الله.
ثم يستطرد قائلاً:
"إنني أحافظ على أداء الفروض في مواقيتها، وعلى صلاة الجمعة التي أشعر براحة نفسية كبيرة عند أدائها.. وأنني أعرف أهمية خطيب المسجد، والدور الكبير الذي يقوم به تجاه المسلمين، مثل مساعدتهم على فهم القرآن الكريم، وشرح الأحاديث النبوية، بجانب إرشادهم وتجميعهم على طريق الخير والصلاح".
وعن تصوراته المستقبلية كمسلم يسعى للمزيد من العلم بدينه قال:
"إنني حريص على تعلم اللغة العربية وإتقانها حتى يتسنى لي قراءة القرآن بلغته الأصلية، وبالتالي محاولة فهم معانيه، لأن ترجمته إلى اللغات المختلفة تؤدي إلى تضارب المعنى وعدم الوضوح".
ثم يصمت فجأة ليسترجع شيئاً دفيناً في نفسه:
"إنني أنبه إلى أن الكتب التي تُرجمت إلى الأسبانية عن الإسلام ليست دقيقة في مضمونها، خصوصاً بعد ما ترجم أحد الأسبان _وهو مسيحي يدعى "جان فونت" _ معاني القرآن إلى الأسبانية بطريقة بعيدة كل البعد عن النص القرآني أو معناه.. مما جعل الذين اطلعوا على هذه الترجمة من الأسبان يقولون: إن الإسلام دين غريب، ومما يدعو للأسف والأسى ما جاء في تلك الترجمة الأسبانية على يد ذلك المترجم، وعلى الاخص سورة "الناس" التي ترجمها إلى سورة "الرجال" وأخلَّ بمعناها وبمضمونها".
وعن المسلمين في أسبانيا يقول الدكتور "نصر الدين" الذي يعمل أستاذاً بجامعة القاهرة:
"وبالرغم من أن المسيحية هي الديانة المنتشرة في أسبانيا، فإن حرية الأديان متاحة للجميع، ولكن الإسلام _كما في كثير من الدول الأوربية _ يظل محدود الانتشار، ممّا يتطلب تنشيط حركة الدعوة الإسلامية ودعم أنشطتها ووضع كافة الإمكانيات في سبيلها".
الشيخ عبد الباسط فى أوغندا
كان الشيخ عبدالباسط في سفره بجنوب أفريقيا يبقى خمسة أيام في أوغاندا و هو يتحدث حول الموضوع نفسه (في مقابلته مع التلفزيون القطرية):
بعد جلستين (محفلين) من تلاوة الشيخ للقرآن الكريم أعلن 72 شخص عن إسلامهم و في الثانية 20 شخصاَ أشهروا إسلامهم متأثرين بصدى صوت الشيخ الشجي ــ رحمه الله ــ و كان من بينهم امرأة مذيعة يقول الشيخ: هذه امرأة كانت مذيعة ترافقني في طول سفري.. آخر يوم في حين عودتى حاولت أن تبس يدي، فرفضته و طلبت أن تؤدى مناسك الحج، و أخبرت الأوغانديين بإمكانكم أن تسهلوا لها الأمور لزيارة البيت. و طلبت منى أن أغير إسمها إلى أحد الأسماء المسلمين.. فسمّيتها "آمنة"! بواسطة هذه الجلسات في أوغاندا تبرعوا أهالى الأوغاندا بمبلغ 3 ملايين دولار للمراكز الإسلامية..
الشيخ عبد الباسط فى ماليزيا
زار الشيخ ماليزيا عام 1965 م وافتتح وقتها احدث مسجد مقام في آسيا بالعاصمة كوالالمبور وحضر الاحتفال ربع مليون مسلم وكان الشيخ أول من يتلو القرآن بالمسجد.
تنكو عبدالرحمن رئيس حكومة ماليزيا أهدى الشيخ عبدالباسط وسام ماليزيا الذهبي في ختام الاحتفال الذي شهده ربع مليون ماليزي
الشيخ عبد الباسط مع احد تلامذته وذكرياته مع حمدى الزامل 1970 ..
عندما دعي الشيخ عبد الباسط لاحياء ماتم امام جمعية الشبان المسلمين بالمنصورة بدار الدراسات مسجد النصر ودخل الشيخ وسط الاف المعزيين الذين امتد بهم المجلس الى خارج المكان فوجد الشيخ الزامل يقرا فقال الشيخ عبد الباسط لصاحب الماتم-(هو انت دعوتنى بمفردى ام معى الشيخ حمدي?)
فقال للشيخ -(الشيخ حمدى مدعو كذلك)..فقال له الشيخ عبد الباسط بكل تواضع _(اهل القران فى وجود الشيخ حمدى يجب الا يقرا احد لانه يقدم كل فنون التلاوة للقران السليم بصوت وطريقة عظيمة )
وجلس الشيخ يستمع حتى ختم الشيخ حمدى وتعانق الاثنان وجلسا معا بعض الدقائق وبعدها صعد الشيخ عبد الباسط للتلاوة الذى كان سببا فى تضاعف عدد الناس الى الشوارع وبعد حوالى 20 دقيقة صدق الشيخ عبد الباسط وقال للشيخ حمدى اقرا يا شيخ حمدى فاننى فى اشتياق الى سماعك لما سمعته عنك من الشيخمصطفى اسماعيل.
وهذه التفاتة طيبة من الشيخ وما اكثر مواقفه من هذا القبيل الدالة على نبل اخلاقه تواضعه وحبه للاخرين ولم تبهره اضواء الشهرة بقدر ما يسعده يسمع صوتا جميلا متمكنا وقويا يكون معه جنبا الى جنب فى خدمة القران
الشيخ عبد الباسط فى بلد المليون شهيد -- الجزائر
زار الشيخ عبدالباسط الجزائر , وكان لابد أن يزورها ..ورتل آيات الله السماوية على الأرض التي خضبتها دماء الشهداء وروتها دماء المجاهدين الشجعان فحرروا البلاد والعباد من استعمار نكد خبيث دام أكثر من مائة عام ..
..بدأت زيارة الشيخ التاريخية للجزائر المسلمة الحرة بافتتاح مسجد " كتشاوا " بمدينة الجزائر , لقد كان المسجد موجود يذكر فيه اسم الله , قبل الاستعمار ثم حوله المستعمرون إلى كنيسة ( وقد فعلوا فعلتهم تلك الخسيسة بالنسبة للكثير , العديد من المساجد هناك ) .. فلما استقلت الجزائر وتطهرت أراضيها بدأ المسلمون ينشئون المساجد في كل مكان يصلح لإقامة مسجد , حتى لقد أنشئوا مساجد في " جراجات " ونحو ذلك ..
.. بدأ الشيخ عبدالباسط يرتل القرآن الكريم في " ساحة الشهداء " حيث تعود المئذنة من جديد وتعود " الله أكبر " من جديد .. وبدأ الناس يبكون ويبكون فرحا بنصر الله . واعترافا بفضله على عباده و " ولينصرن الله من ينصره , إن الله لقوي عزيز ". يحدثنا الشيخ عبدالباسط , وهو ينظر إلى الأفق البعيد , ويستعيد هذه الذكريات : " لقد شعرت بنشاط وافر عجيب هناك , نشاط ليس له مثيل ... كيف أنسى ذلك اليوم المشهود ..!!"
رحم الله الشيخ عبد الباسط وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة