فمن ذلك ما أخبرني به الشيخ الفقيه الأجل أبو محمد عبد الخالق ابن زيدان المسكي
وكتب لي بخطه قال: أملى على الشيخ العلامة أبو محمد بن برى - رحمه الله - قال: لقي عبيد بن الأبرص امرأ القيس، فقال له عبيد: كيف معرفتك بالأوابد؟ فقال: ألق ما أحببت؛
فقال عبيد:
ما حبة ميتة أحيــت بميتهــــــا ... درداء ما أنبتت ســــــنا وأضـراســا
فقال امرؤ القيس:
تلك الشعيرة تســقى في سنابلهـــا ... فأخرجت بعد طول المـــكـث أكداسا
فقال عبيد:
ما السود والبيض والأسماء واحـدة ... لا يستطيع لهن الناس تســــــاســــا
فقال امرؤ القيس:
تلك السحاب إذا الرحـمن أرسلها ... روى بها من محول الأرض أيبــــاســا
فقال عبيد:
ما مرتجاة على هول مراكـــبهـا ... يقطعن طول المدى سيراً وإمراســـــــــا
فقال امرؤ القيس:
تلك النجوم إذا حانت مطالعهــا ... شبهتها في سواد الليل أقبــــــــــــاساً
فقال عبيد:
ما القاطعات لأرضٍ لا أنيــس بها ... تأتي سراعاً وما ترجعن أنكاســــــــاً
فقال امرؤ القيس:
تلك الرياح إذا هبـت عواصـفهــا ... كفى بأذيالها للتــــــــــرب كناساً
فقال عبيد:
ما الفاجعات جهاراً في علانيـــةٍ ... أشد من فيلقٍ مملــــــــــــوءة باساً
فقال امرؤ القيس:
تلك المنايا فما يبقين من أحـــــدٍ ... يكفتن حمقى وما يبقين أكـــــياساً
فقال عبيد:
ما السابقات سراع الطير في مهــلٍ ... لا تســــــتكين ولو ألجمتها فاساً
فقال امرؤ القيس:
تلك الجياد عليها القوم قد سبحوا ... كانوا لهـــــن غداة الروع أحلاساً
فقال عبيد:
ما القاطعات لأرض الجو في طـلقٍ ... قبل الصباح ومـــــا يسرين قرطاساً
فقال امرؤ القيس:
تلك الأماني تتركن الفـــتى ملكاً ... دون السماء ولم تــــــرفع به راساً
فقال عبيد:
ما الحاكمون بلا سمعٍ ولا بـــصرٍ ... ولا لسانٍ فصيح يعجــــــب الناسا
فقال امرؤ القيس:
تلك الموازين والـــرحمن أنزلهـا ... رب البرية بين الناس مقياســاً