الأذكار التي يسن الإكثار منها في العشر من ذي الحجة:
الأذكار والأدعية بكل أنواعها مشروعة، يكثر المسلم منها قدر ما يستطيع، ليكون
قريبا من ربه _سبحانه وتعالى_ على الدوام، وهذه الأيام العشر وردت فيها أذكار سن
رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ الإكثار منها، قال _صلى الله عليه وسلم_:
"ما من أيام أعظم عند الله _سبحانه_ ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام
العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد".
أولا: التهليل:
وهو قول: "لا إله إلا الله"، وهي شهادة الإسلام وعنوان التوحيد، والمناسبة في
الإكثار منها في العشر من ذي الحجة ظاهرة، فهي أيام الحج التي يتوجه فيها الناس
إلى ربهم متجردين من الدنيا وزينتها موحدين طائعين منيبين راجين رحمته خائفين
من عذابه، فكان من أكثر الأذكار مناسبة في هذه الأيام التهليل، وفي فضل التهليل
وردت نصوص كثيرة ، منها قوله _صلى الله عليه وسلم_: "من قال: لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة،
كتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه
ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما أتى به إلا رجل قال مثل ما قال أو زاد"
[center]رواه البخاري ومسلم، وفي الحديث : "خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا
والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد،
وهو على كل شيء قدير"
ثانياً: التكبير:
أي بإكثار قول: اللّه أكبر ، والتكبير يدل على التعظيم، فهو إقرار بأن الله _تعالى_
أعظم وأكبر من كل شيء، ومن ثم فهو المستحق وحده للعبادة، وفيه دلالة على
التوحيد الذي هو من أعظم مقاصد الحج. وأصح الصيغ الواردة في التكبير في أيام
العشر من ذي الحجة، هو ما رواه عبد الرزاق عن سلمان بسند صحيح قال: "كبروا
. الله أكبر الله أكبر كبيراً". وعن عمر وابن مسعود: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله
إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".
قال البخاري : كان ابن عمر وأبو هريرة _رضي الله عنهما_ يخرجان إلى السوق في
أيام العشر يكبران فيكبر الناس لتكبيرهما. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام،
وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه، تلك الأيام جميعاً.
والتكبير نوعان: التكبير المطلق: يبدأ من أول شهر ذي الحجة، إلى آخر أيام التشريق
، غير مقيد بوقت معين، والتكبير المقيد: في أدبار الصلوات المفروضة، وقال الحافظ
في الفتح: " أصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود أنه من صبح
يوم عرفة إلى عصر آخر أيام منى".
قال بعض العلماء: من أعظم أسرار التكبير في هذه الأيام أن العيد محل فرح وسرور
وكان من طبع النفس تجاوز الحدود لما جبلت عليه من الشره تارة غفلة وتارة بغياً
شرع فيه الإكثار من التكبير لتذهب من غفلتها وتكسر من سورتها.
ثالثاً: التحميد:
وهو قول: الحمد لله مرة بعد أخرى، والحمد عبادة يؤديها المسلم، سواء حدثت له نعمة
أو لم تحدث؛ وذلك لأن الحمد المطلق إنما يستحقه الله _عز وجل_ لكماله وصفاته،
كما يحمد المسلم ربه _سبحانه_ على كل نعمة وفي كل حال، أما بخصوص هذه الأيام
فأعظم نعمة ظاهرة فيها أنه _عز وجل_ بلغ العبد هذه الأيام الفاضلة التي تضاعف فيها
الحسنات، وتغفر فيها الذنوب، فحري بالمسلم في مقابل هذا أن يكثر التحميد.
وفي التحميد وردت أحاديث كثيرة تدل على فضله وثوابه، قال النبي _صلى الله عليه
وسلم_:" كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن:
سبحان الله العظيم وبحمده، سبحان الله العظيم" رواه البخاري ومسلم.
وهنا ينبغي التنبه لأهمية اقتران ذكر اللسان بذكر القلب، ومواطئته له، قال الغزالي:
لا تظن أن ما في التهليل والتقديس والتحميد والتسبيح من الحسنات بإزاء تحريك
اللسان بهذه الكلمات من غير حصول معانيها في القلب.