قال الله تعالى ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل منالحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهموقال تعالى وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذيناتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوانالله فما رعوها حق رعايتها وقال تعالى ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعدقوة أنكاثا وقال تعالى واعبد ربك حتى يأتيك اليقين وأما الأحاديث فمنهاحديث عائشة وكان أحب الدين إليه ما داوم صاحبه عليه وقد سبق في الباب قبله
الشرح
قالالمؤلف رحمه الله باب المحافظة على الأعمال يعني الأعمال الصالحة لما ذكررحمه الله باب الاقتصاد في الطاعة وأن الإنسان ينبغي له أن يكون متمشياعلى هدى النبي صلى الله عليه وسلم أعقبه بهذا الباب الذي فيه المحافظة علىالطاعة وذلك أن كثيرا من الناس ربما يكون نشيطا مقبلا على الخير فيجتهدولكنه بعد ذلك يفتر ثم يتقاعس ويتهاون وهذا يجري كثيرا للشباب لأن الشبابيكون عنده اندفاع قوي أو تأخر شديد إذ أن غالب تصرفات الشباب إنما تكونمبنية على العاطفة دون التعقل فتجد الواحد منهم يندفع ويشتد في العبادة ثميعجز أو يتكاسل فيتأخر ولهذا ينبغي للإنسان كما نبه المؤلف رحمه الله أنيكون مقتصدا في الطاعة غير منجرف وأن يكون محافظا عليها لأن المحافظة علىالطاعة دليل على الرغبة فيها وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل فإذا حافظالإنسان على عبادته واستمر عليها كان هذا دليلا على محبته وعلى رغبته فيالخير وقد ذكر المؤلف عدة آيات منها قوله تعالى ولا تكونوا كالتي نقضتغزلها من بعد قوة أنكاثا امرأة تغزل غزلا جيدا قويا ثم بعد ذلك ذهبت تنقضهأنكاثا حتى لا يبقى منه شيء كذلك بعض الناس يشتد في العبادة ويزيد ثم بعدذلك ينقضها فيدعها وكذلك ذكر رحمه الله عن # بني إسرائيل قول الله عز وجلوجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناهاعليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها أي ما استمروا عليهاولا رعوها ولكنهم أهملوها وقال تعالى ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب منقبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم يعني طال عليهم الأمد أي الزمن بالأعمالفقست قلوبهم وتركوا الأعمال والعياذ بالله فالمهم أن الإنسان ينبغي له أنيحافظ على العمل وألا يتكاسل وألا يدعه حتى يستمر على ما هو عليه وإذا كانهذا في العبادة فهو أيضا في أمور العادة فينبغي ألا يكون للإنسان كل ساعةوجهة وكل ساعة له فكر بل يستمر ويبقى على ما هو عليه ما لم يتبين الخطأفإن تبين الخطأ فلا يقر الإنسان نفسه على الخطأ لكن ما دام الأمر لم يتبينفيه الخطأ فإن بقاءه على ما هو عليه أحسن وأدل على ثباته وعلى أنه رجل لايخطو خطوة إلا عرف أين يضع قدمه وأين ينزع قدمه وبعض الناس لا يهتم بأمورالعادة فتجد كل يوم له فكرة وكل يوم له نظر هذا يفوت عليه الوقت ولا تستقرنفسه على شيء ولهذا يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال من بوركله في شيء فليلزمه كلمة عظيمة يعني إذا بورك لك في أي شيء كائنا ما يكونفالزمه ولا تخرج عنه مرة هنا ومرة هنا فيضيع عليك الوقت ولا تبني شيئانسأل الله أن يثبتنا وإياكم على الحق وأن يجعلنا من دعاة الحق وأنصاره