عن أبي طريف عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى اللهعليه وسلم يقول من حلف على يمين ثم رأى أتقى لله منها فليأت التقوى رواهمسلم
الشرح
اليمين هي الحلف بالله عز وجل أو باسم من أسمائه أو صفةمن صفاته ولا يجوز الحلف بغير الله لا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولابجبريل ولا بأي أحد من الخلق لقول النبي صلى الله عليه وسلم من كان حالفافليحلف بالله أو ليصمت وقال من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك فمن حلفبغير الله فهو آثم ولا يمين عليه لأنها يمين غير منعقدة لقول النبي صلىالله عليه وسلم : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ولا ينبغي للإنسان أنيكثر من اليمين فإن هذا هو معنى قوله تعالى واحفظوا أيمانكم على رأي بعضالمفسرين قالوا : واحفظوا أي : لا تكثروا الحلف بالله وإذا حلفت فينبغي أنتقيد اليمين بالمشيئة فتقول : والله إن شاء الله لتستفيد بذلك فائدتيعظيمتين الفائدة الأولى : أن يتيسر لك ما حلفت عليه والفائدة الثانية :أنك لو حنثت فلا كفارة عليك واليمين التي توجب الكفارة هي اليمين على شيءمستقبل أما اليمين على شيء ماض فلا كفارة له ولكن إذا كان الحالف كاذبافهو اثم وإن كان صادقا فلا شيء عليه ومثاله لو قال قائل : والله ما فعلتكذا فهنا ليس عليه كفارة صدق أو كذب لكن إن كان صادقا أنه لم يفعله فهوسالم من الإثم وإن كان كاذبا أنه قد فعله فهو آثم واليمين التي فيهاالكفارة هي اليمين على شيء مستقبل فإذا حلفت على شيء مستقبل فقلت : واللهلا أفعل كذا فهنا نقول : إن فعلته فعليك الكفارة وإن لم تفعله فلا كفارةعليك فهذه يمين منعقدة ولكن هل الأفضل أن أفعل ما حلفت على تركه أو الأفضلأن لا أفعل ؟ في هذا الحديث بين النبي عليه الصلاة والسلام أنك إذا حلفتعلى يمين ورأيت غيرها أتقى لله منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو أتقي فإذاقال قائل : والله لا أكلم فلانا وهو مسلم فإن الأتقى لله أن تكلمه لأن هجرالمسلم حرام فكلمه وكفر عن يمينك ولو قلت : والله لا أزور قريب فهنا نقول: زيارة القريب صلة رحم وصلة الرحم واجبة فصل قريبك وكفر عن يمينك لأنالنبي عليه الصلاة والسلام يقول فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينهوليأت الذي هو خير وعلى هذا فقس الخلاصة أن نقول : اليمين على شيء ماض لايبحث فيها عن الكفارة لأنه ليس فيها الكفارة لكن إما أن يكون الحالف سالماأو يكون آثما اليمين على المستقبل هي التي فيها الكفارة فإذا حلف الإنسانعلى شيء مستقبل وخالف ما حلف عليه وجت عليه الكفارة إلا أن يقرن يمينهبمشيئة الله فيقول إن شاء الله فهذا لا كفارة عليه ولو خالف والله الموفق