عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتتهالصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة رواه مسلم
الشرح
قالالمؤلف رحمه الله تعالى فيما رواه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي اللهعنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا عبد الله بن عمرو لا تكن مثلفلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل ساق المؤلف هذا الحديث في بابالاستقامة على الطاعة ودوامها وأن الإنسان لا يقطعها وقد أوصى النبي عليهالصلاة والسلام عبد الله بن عمرو ألا يكون مثل فلان ويحتمل هذا الإبهام أنيكون من النبي عليه الصلاة والسلام أن النبي عليه الصلاة والسلام أحب ألايذكر اسم الرجل ويحتمل أنه من عبد الله بن عمرو أبهمه لئلا يطلع عليهالرواة ويحتمل أنه من الراوي بعد عبد الله بن عمرو وأيا كان ففيه دليل علىأن المهم من الأمور والقضايا هو القضية نفسها دون ذكر الأشخاص ولهذا كانمن هدى النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أراد أن ينهى عن شيء فإنه لايذكر الأشخاص وإنما يقول ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا وما أشبه ذلك وتركاسم الشخص فيه فائدتان عظيمتان الفائدة الأولى الستر على هذا الشخصوالثانية أن هذا الشخص ربما يتغير حاله فلا يستحق الحكم الذي يحكم عليه فيالوقت الحاضر لأن القلوب بيد الله فمثلا هب أنني رأيت رجلا على فسق فإذاذكرت اسمه فقلت لشخص لا تكن مثل فلان يسرق أو يزني أو يشرب الخمر فربماتتغير حال هذا الرجل ويستقيم ويعبد الله فلا يستحق الحكم الذي ذكرته منقبل فلهذا كان الإبهام في هذه الأمور أولى وأحسن لما فيه من الستر ولمافيه من الاحتياط إذا تغيرت حال الشخص وفي قوله عليه الصلاة والسلام كانيقوم من الليل فترك قيام الليل التحذير من كون الإنسان يعمل العمل الصالحثم يدعه فإن هذا قد ينبئ عن رغبة عن الخير وكراهة له وهذا خطر عظيم وإنكان الإنسان قد يترك الشيء لعذر فإذا تركه لعذر فإن كان مما يمكن قضاؤهقضاه وإن كان مما لا يمكن قضاؤه فإن الله تعالى يعفو عنه وقد ثبت عن النبيصلى الله عليه وسلم أن من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيماوكذلك إذا تركه لعذر فإنه يقضيه ففي حديث عائشة الذي ساقه المؤلف أن النبيصلى الله عليه وسلم كان إذا ترك صلاة الليل من وجع أو غيره صلى من النهارثنتي عشرة ركعة لأنه صلى الله عليه وسلم يوتر بإحدى عشرة ركعة فإذا قضىالليل ولم يوتر لنوم أو لشبهه فإنه يقضي هذه الصلاة لكن لما فات وقت الوترصار المشروع أن يجعله شفعا وبناء على ذلك فمن كان يوتر بثلاث ونام عن وترهفليصل في النهار أربعا وإذا كان يوتر بخمس فليصل ستا وإن كان يوتر بسبعفليصل ثماني وإن كان يوتر بتسع فليصل عشرا وإن كان يوتر بإحدى عشرة ركعةفليصل اثنتي عشرة ركعة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله وفي هذادليل على أن العبادة المؤقتة إذا فاتت عن وقتها لعذر فإنها تقضى أماالعبادة المربوطة بسبب فإنه إذا زال سببها لا تقضى ومن ذلك سنة الوضوءمثلا إذا توضأ الإنسان فإن من السنة أن يصلي ركعتين فإذا نسى ولم يذكر إلابعد مدة طويلة سقطت عنه وكذلك إذا دخل المسجد وجلس ناسيا ولم يذكر إلا بعدمدة طويلة فإن تحية المسجد تسقط عنه لأن المقرون بسبب لابد أن يكون موالياللسبب فإن فصل بينهما سقط